2017/02/04

يحدث ...


"يحدث أنَّ شخصاً كنت تحبه ... ثم هو الآن قريب منك كثيراً ولا تستطيع أن تقول له مرحباً فقد شق طريقاً أخرى بدونك"

2017/02/01

في #ذكرى_يناير

في تدوينة قصيرة عبر #مدونات_الجزيرة وفي #ذكرى_يناير :

"كانت أنظار الملايين وقتها تتجه قبالتها، بعيون لم تعرف النوم كنا قد تمسمرنا أمام الشاشات، نرقب خبراً هنا وموقعة هناك، أدركنا كونها جوهرة الصراع بين المحطَّمين والمتنفذين القابضين على قلوبنا، فابتهجنا بالفرح لكن سرعان ما قتلوا كل أمل فينا، أحرقونا."

2017/01/31

المُشرّدون في أوكرانيا .. معاناة لا تنتهي !!


بقلم : د. أحمد يونس (نُشرت بتاريخ 11 أغسطس 2013)

لطالما تعوّدت عيناي على مشاهدة العديد من الحالات المعدومة من البشر ، بل ومع كل إنسان أراه يبحث عن طعامه في حاوية القمامة كنت ألعن تلك الإنسانية الفظّة التي ندّعيها جميعاً ، نعم .. فإنسانيتنا ذهبت بل ماتت ، ولربما ما تعودنا على رؤيته يومياً من أناس معدومون وفي حالة رثّة هو ما جعل عدم المبالاة تؤثر علينا وتتملكنا عندما يطلب أحدهم بعضاً من المال أو حتى بعضاً من كسرة طعام .

للأسف .. حاولت كثيراً أن أتمالك نفسي مبتعداً عن الخوض في غمار هذا الموضوع الإنساني البحت ( والمؤثّر حقاً في نفس كل إنسان ما زال يحتفظ بإنسانيته ) ؛ لكن فظاعة وكثافة ما أراه يومياً جعلني لا أنفكُّ عن الكتابة عن من هم دون البشر حيث ( لا أكل ، لا شرب ، لا ملبس ، لا مسكن ، لا صحة ) .. أجل هنا في أوكرانيا من تنطبق عليهم هذه المواصفات مجتمعة ، وإن حاولت سرد وكشف فظاعة المشاهد التي تمر على مُحيّاي فبالطبع لن أنصف هؤلاء العامة بالقدر الذي يحتاجونه من إعلام وتسليط ضوء على معاناة فئة كبيرة جداً من الناس هنا .

لك أنْ تتخيل عزيزي القارئ ، طفلة في مقتبل العمر لم تتجاوز الـ 12 عاماً تقف متسولة على أحد شوارع مدينة تعتبر في أوكرانيا العاصمة الاقتصادية ( ومدينة المال والمستثمرين ) وهنا أعني دنيبروبتروفسك -مدينة تقع وسط أوكرانيا- ، وبجانبها رجل مبتور الساق وبحالة في غاية القذارة علّهما يحصلان على شيء يسدّان به رمق الجوع وضنك الحياة وسوء الصحة . تسير متجولاً نحو محطة القطارات الرئيسية هنا فتقابلك محال كثيرة ومتراصة في معظمها لا يبيع سوى البسكويت والمعجنات والسوائل الغازية والساخنة والروحية ، لجانب عشرات من الباعة الجائلين بلا رقابة صحية ، وبالتأكيد لن تفارقك الرائحة القذرة على طول مسيرتك نظراً لكثرة استهلاك الكحول حيث يُعدُّ الأوكرانيون منْ الأكثر شعوباً ( أحد البلدان المستهلكة بكثرة ) شرباً للكحول .. كما أن روائح المعجنات والزيت المقلي والشاورما (طبعاً لا تملك من الشاورما سوى الاسم) المنبعثة من المحال الغذائية المتراصة في محطتي القطارات والباصات واسواق المدينة المختلفة .

شاءت الصُّدفْ أن أتجول بشارع رئيسي يربط شرقي المدينة بغربها عبر أحد الجسور هنا ، وقد هالني المنظر حينها وهو ما شدّني لأكتب هذه السطور، حيث انعدام أبسط معاني الآدمية .. فالمتسولون ربما بنفس عدد البائعين .. ومرتادي المقاهي والحانات لشرب الكحول والاستمتاع بالموسيقى فـ همُ أناس كثر والمكان يكتظ بالعشرات والرائحة لا تجعلك حتى تطيل النظر . وبذلك اليوم شاء القدر أن تمطر وحينها سقطت عيناي على أحد المشرّدين مبتور الساقين ويجلس على كرسي متحرك وهو يضع صندوق كرتون فوق رأسه ويمسك بعلبة فارغة (للتسول) .. لقد أفجعني بحق هذا المنظر الذي وصل إليه حال الإنسانية .. وكيف لنا أن نعيش بنفس المدينة وهؤلاء الآلاف لا يملكون حتى لقمة طعام واحدة ؟؟

إن جشع الأغنياء وبلادة الكثير من البشر في النظر إلى حال غيرهم من العامة هو ما أوصل الأمر إلى غير معالجة أو حتى تحسين في أوضاع هذه الطبقات الفقيرة والمعدومة ، وأوكرانيا ليست البلد الوحيد الذي يملك مثل هذه الحالات بل إنّ جميع دول الاتحاد السوفييتي السابق وشرق أوروبا عموماً تملك مثلها وربما أبشع .. لكن ما نتمناه بحق أن تعيد حكومات دول شرق أوروبا بحق سياساتها تجاه الطبقات المختلفة في المجتمع ، وأن تضع خططاً عملية وقابلة للنجاح من أجل تحسين حياة مواطنيها من ذوي الفئات المعدومة التي أنهكها ودمّرها المرض والفقر والعجز وسوء التعليم ، وبالتأكيد فإن مؤسسات الأمم المتحدة ورعاية الطفولة مطالبة هي الأخرى بمراقبة شديدة على سياسات الدول في التعامل مع حقوق الإنسان والطفل في ( المأكل والمشرب والملبس والمسكن والتعليم والنظافة والصحة .. الخ ) .

2017/01/30

حـــكايتي مع القـــرم



أحمد يونس - أوكرانيا (نُشرت بتاريخ 20 أغسطس 2013)
عندما وصلت في بداية شهر يناير/كانون ثاني من عام 2010 إلى مطار مدينة سيمفروبل -عاصمة شبه جزيرة القرم- لم يدر بخلَدي قط أنني ربما أرجع وأزور هذه المنطقة الفريدة من نوعها ، وعلى الأحرى فقد كان تفكيري كله منصبٌّ على الوصول لمدينة بولتافا -شمال أوكرانيا- لألتحق بالجامعة على سبيل السرعة وأحاول لملمة نفسي لتدارك ما فاتني من دروس في الكلية التحضيرية للّغة الروسية هناك .
وقد دارت الأيام وها أنا ذاك في القرم التي قرأت عنها كثيراً وعن مآسي أهلها المسلمين ، وبعد مرور سنتين ونصف أنا الآن أتجول في شوارع القرم القديمة ومدنها الساحلية ، التي أزورها كي أتشرب طبيعة الناس هنا وأختلط بالمسلمين عن قرب وأتجول بها لأعيد شريط من الذكريات الطويلة والعذابات المرّة التي ذاقها مسلمي هذه الأرض .

سرتُ وأنا أشم رائحة تلك الدماء الزكيّة بعبق أزهار وأشجار القرم التي مرّ عليها الزمن وهي شامخة رغم كيد الظالمين والمجرمين ، سرت وأنا أرى ذلك الجمال الفتّان من جبال وغابات ووديان وخضرة نضّارة وماء وفير ، لقد مرّ علي التاريخ خلال يومين هنا كأنه حكاية مرّة للموت والتعذيب والتشريد بحق من ظلموا من تتار القرم إبّان الحقب المتعاقبة على مدار أكثر من 100 عاماً . بدأت رحلتي البسيطة بعد حجز تذاكر من محطة الباصات بمدينة دنيبروبيتروفسك -وسط أوكرانيا- لا سيما وأن تذاكر القطار قد نفذت جميعها ، وفي تمام الساعة 11 ليلاً انطلق الباص متجهاً نحو مدينة سيمفروبل بالقرم ، في الطريق مررنا على العديد من القرى والأحياء في نطاق القرم من بداية برزخ بيريكوب الذي يمتد على طول 7 كم عرضاً ، ورغم أنني لم أشاهد سوى مسجدين بمئذنة طول الطريق إلا أن ما شاهدته من فيديوهات وصور عن مساجد القرم وسكانها تشدُّك إلى أن تعاود الكرّة وتزور هذه المنطقة بالغة الجمال والروعة .

وصلتُ إلى سيمفروبل السادسة صباحاً وقد عانيت مرارة السفر بالباص طوال 7 ساعات على الكرسي ، رغم ذلك لم ينتابني أي شعور بالضيق ولا الضجر وواصلت الرحلة شوقاً لتفقّد ما يمكنني تفقده وزيارته من مناطق ومدن القرم الجميلة ، وقد اتجهت مباشرة إلى المركز الإسلامي الثقافي بسيمفروبل ( مكتب اتحاد المنظمات الاجتماعية - الرائد فرع القرم ) وهناك كان في استقبالي د. أمين القاسم -نائب مدير مكتب الرائد فرع القرم- وقد قدّم مشكوراً شرحاً مفصلاً عن مرافق المكان وطبيعة العمل والنشاط المقدّم لمسلمي القرم وقد أجريت معه مقابلة توضح هذا الجانب ، وقبل مغادرتي للمكان قابلت طفلاً بعمر 11 سنة ينتظر لدخول فصله في تعليم اللغة العربية وحفظ القرآن الكريم وسبحان الله هذا الطفل التتري المسلم يدرس هنا منذ عامين ويحفظ جزء عمّ ويدرس اللغة العربية ليتمكن من حفظ القرآن الكريم حسب قوله ، لأنه مسلم وعليه أن يتعلم كتاب دينه وهو "القرآن". توجهت بعد ذلك مستقلاً باصاً كهربياً من سيمفروبل متجهاً نحو مدينة ألوشتا الساحلية والمطلة على البحر الأسود تحت درجة حرارة قاربت الـ 30 مئوية ، وفي الطريق ترى على جانبيك الجبال الشاهقة تعانق السماء والأشجار النضِرة وبيوتٌ هي أقرب إلى بيوت الريف التتري ، حتى ما وصلت إلى الشاطئ أسرعت للسباحة فيه رغم أنني أعيش في قطاع غزة على شاطئ البحر ، لكن هذه المرّة هناك شعور مختلف فأنت بين جبال شاهقة ومناظر طبيعية خلابة وتربة سوداء وصخور جميلة ووسائل منوعة من الترفيه والتسلية والهدوء والراحة للاستجمام والاستمتاع للسائحين والزوار .

وبحلول المساء أخذنا نبحث -أنا وصديقي- عن مكان لنبيت ليلتنا فيه فاضطررنا للسفر مسافة 40 كم إلى مدينة يالتا الساحلية المجاورة وبتنا في فندق محطة الباصات ، ومنذ الصباح الباكر أخذنا رحالنا متجهين نحو منطقة ألوبكا ذات الجمال الفتّان و الفن المعماري الفريد في تصميم قصر ألوبكا التاريخي (ألوبكينسكي دفاريتس) وبعد جولة استغرقت 4 ساعات في جوانب القصر وحديقته وصولاً إلى مرسى صغير للسفن عدنا أدراجنا إلى رأس عش السنونو (آي تودور) في منطقة غاسبرا القريبة ومشينا مسافة 20 دقيقة أسفل الجبل إلى أعلاه في انحدارات مختلفة متداخلة مع الأشجار على طول الممرات نحو القمة ، وبالأعلى لا شعور يراودك سوى أن تخلو بنفسك مع المنظر الخلاّب وأن تشاهد البحر الأسود والجبال المجاورة في منظر يكاد لا تراه في أي بلد آخر ، وبعدما أخذنا قسطاً من الراحة بدأت بالتقاط الصور للمكان وروعته إلى أن فرغت بطارية كاميرتي .

من غاسبرا انتقلنا بحراً إلى يالتا ولك أن تتخيل ذاك الشعور وأنت وسط البحر الأسود وعلى مرأى ليس ببعيد عن الشاطئ ومبانيه وتحفته الفنية الراقية ، في يالتا وصلنا منتصف الظهيرة في بالغ جوعنا حتى وصلنا إلى مطعم للشاورما يعمل به شاب مصري والحمد لله فقد كان اللحم حلالاً ، وبعد جولة سريعة استغرقت ساعتين في معالم يالتا وشاطئها وميناءها الجميل كان حتماً لنا أن نسرع الخطى رجوعاً كي لا يفوتنا القطار هذه المرة ، في سيمفروبل وصلنا قبيل المغرب فتوجهنا إلى مسجد الجامع الكبير بوسط المدينة التقطنا بعض الصور وانطلقنا سريعاً لمحطة القطارات لندرك القطار رجوعاً . جلست بمقعدي في القطار وببالي الكثير الكثير من الأفكار والخطط فيما لو أعاود الكرّة لأتجول بمدن أخرى مثل سيفاستوبل ، إفباتوريا ، بختشي سراي ، كيرتش ، دجانكوي ، فيودوسيا ، بيلاغورسك ، سوداك .. الخ ) وقررت إن شاء الله مع إجازة الصيف وبدء بطولة أمم أوروبا 2012 في أوكرانيا أن أكمل الصورة الرائعة عن القرم ومدنها التاريخية وأكتب عنها في رحلة قريبة .

أوكرانيا : معضلة الشراكة الأوروبية ونفوذ الكرملين

ميدان الاستقلال وسط العاصمة "كييف"
د. أحمد يونس - أوكرانيا (نُشرت بتاريخ 27 نوفمبر 2013)
لم تكد أوكرانيا تعلن استقلالها عن الاتحاد السوفييتي في صيف 1991م وأعينها ترنو إلى أوروبا المستقبل ، فمنذ اللحظات الأولى لتأسيس الجمهورية الناشئة بعد الاستقلال لم يتوقف طموح الأوكرانيون نحو بناء شراكاتهم وعلاقاتهم مع دول أوروبا الغربية ، فقد سعى ذلك الجيل بكل قوة من أجل إنشاء الكيان الأوكراني المستقل بعيداً عن روسيا ونفوذها في الشأن الأوكراني ، وشيئاً فشيئاً -رغم حالة البطء الشديد- بدأت تتجه أوكرانيا فعلياً إلى المرمى الأوروبي .. حتى أصيب الأوكرانيون بصدمة التزوير والتلاعب بنتائج انتخابات عام 2004 حين نزلوا إلى الشوارع في حالة غضب على إثر فوز -فيكتور يانوكوفيتش (الرئيس الحالي) في الانتخابات الرئاسية - الأمر الذي أعدّوه نكسة كبرى للطموح بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي .

أيقن الأوكرانيون وقتها أنه لا مفر من الثورة والصمود -الثورة البرتقالية- حتى تنفيذ مطالبهم بإلغاء نتائج الانتخابات وإعادتها وبالفعل هذا ما كان حيث فاز بعد الفرز المعارض الأوكراني -فيكتور يوتشينكو- واستلمت رئاسة الوزراء -يولا تيموشينكو- التي تعد واحدة من أثرياء أوكرانيا والمتحكمين بشركات الغاز فيها .. انقضت أربع سنوات من قيادة المعارضة حتى اقترب استحقاق الانتخابات الرئاسية مرة أخرى وفاز بها بكل قوة خصم الأمس -فيكتور يانوكوفيتش- ، استلم يانوكوفيتش مقاليد الدولة والحكومة ومجلس النواب -الرادا- مجتمعة بقيادة (حزب الأقاليم) الذي يرأسه وبتحالف مع (الحزب الاشتراكي الأوكراني) . ارتفعت تطلعات الكرملين مع هذا الحليف الجديد على حدودها الغربية وزادت من اتصالاتها على طريق منع أي شراكة متوقعة مع الاتحاد الأوروبي بدون موافقة موسكو ، الأمر الذي جعل كييف بين مطرقة الكرملين وسندان الاتحاد الأوروبي .. ومن حينها (2009م) وأوكرانيا ما تزال تتأرجح طائرتها التي أقلعت ولم تجد مطاراً تحط رحالها فيه .

اليورو 2012 .. فرصة العمر

نالت أوكرانيا فرصة عمرها حين فازت مشتركة مع بولندا في استضافة بطولة أمم أوروبا 2012 ، وبدأت أوكرانيا تعمل على إعادة تأهيل البنية التحتية وترميمها وعملت على تأهيل كوادرها من ضباط وجنود وموظفي الفنادق والمطارات والسكك الحديد ووسائل النقل وعاملي الجمارك والعديد من قطاعات الدولة التي ستشرف على استضافة الزوار الأوروبيون ، ذلك كله ليس لشيء إلا لتقديم صورة أفضل ووضع بصمة قوية في سبيل إثبات جدارتها وأحقيتها بالانضام إلى الاتحاد الأوروبي ، لكن ربما لم يستطع الأوكرانيون استكمال هذا الاهتمام والمتابعة الأوروبية بل والحضور الجماهيري الضخم لصالحها فيما بعد .. حيث اختفت ملامح هذا التحول نحو أوروبا سريعاً وكأنه كان مسألة وقت للمباريات ليس إلا ، أو أن اللاعبين الاقتصاديين جعلوا من اليورو 2012 موسماً جيداً لاستثماراتهم وتجارتهم ومشاريعهم البنيوية والتسويقية .

سجن تيموشينكو

تعرضت رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة -يولا تيموشينكو- للمحاكمة والتشهير بسمعتها وإظهارها أمام وسائل الإعلام بصورة المجرمة والمحتالة -وكأنها وحدها من سرق الأوكرانيون وعبث باقتصاد البلاد- ، وبعد مداولات المحكمة لأسابيع حتى صدر الحكم القضائي على تيموشينكو بعقوبة السجن لمدة 7 سنوات لإدانتها بسوء استغلال المنصب وإهدار المال العام . أودعت تيموشينكو السجن في حين أعربت أوروبا عن رفضها لمداولات المحكمة واعتبرت الحكم سياسياً وطالبت بضرورة الإفراج عنها ، وأوقفت مساعيها نحو توقيع اتفاق شراكة تجارية مع أوكرانية . حتى وصل الأمر إلى سحب دول أوروبية لبعثاتها الديبلوماسية من كييف احتجاجاً على سجن رئيسة الوزراء السابقة ودول أخرى استدعت السفير الأوكراني لديها وأخرى رفضت المشاركة ببطولة أمم أوروبا 2012 بسبب تيموشينكو .

موسكو تقترح حلاً

منذ إيداع تيموشينكو بسجنها وموسكو ما انفكت تطالب -بضرورة الإفراج عنها- وذلك على سبيل ( اقتل القتيل وامشي بجنازته ) ، فموقف موسكو كان يدعو إلى الضحك حقاً .. فموسكو هي من تدعم حليفها لضرب المعارضة المطالبة بالشراكة الأوروبية ، وفي نفس الوقت تتمنى لتيموشينكو السلامة على إثر إصابتها بوعكة صحية في سجنها -سجن خاركوف- ، وكانت موسكو طوال هذه الفترة تتحرك لتعيد إحياء اتفاقيات التجارة الأوراسية والتي تضم كلاً من ( طاجيكستان وبلاروسيا وأزبكستان وتركمانستان وأذربيجان ) في مسعىً لزيادة آمال أوكرانيا بنجاعة خيار ترك أوروبا والارتماء بحضنها مع دول الماضي المجيد -كما تقول- .

احتجاجات في كييف

خرج الآلاف من الأوكرانيون في أكتوبر الماضي 2013 م احتجاجاً على نتائج الانتخابات البلدية للعاصمة ، حتى اضطرت الشرطة لنشر وحدات مكافحة الشغب التي واجهت هذه التحركات بقوة .. لتبقى كييف على صفيح ساخن خلال الأسابيع المقبلة والتي توّجت أخيرا بإعلان الحكومة الأوكرانية تعليقها لاتفاقية الشراكة الأوروبية ، وتجاهل -الرادا- عن إصدار قرار نهائي بالإفراج عن تيموشينكو .. مما جعل مئات الآلاف من الأوكرانيون ينزلون إلى شوارع كييف وميادينها في حركة احتجاجية هي الأولى من نوعها منذ اندلاع الثورة البرتقالية شتاء عام 2004 م ، ولتتجه على إثرها البلاد نحو المربع الأول على جميع الأصعدة -أوروبياً ومحلياً وسياساً- لتدخل الحكومة وحزب الأقاليم في فوهة المواجهة مع الشباب الأوكراني الطامح والمتطلع نحو الأمل الأوروبي منذ سنوات بعيدة .

2017/01/29

شبه جزيرة القِرْم .. الفردوس الضائع

 
أمام "ميس آي-تودور" إحدى أجمل مناطق مدينة "يالتا" على سواحل شبه جزيرة القرم - أوكرانيا
أحمد يونس – أوكرانيا (نُشرت بتاريخ 20 أغسطس 2013)
قبل التفكير بخطوة زيارة شبه جزيرة القرم -جمهورية ذاتية الحكم بدولة أوكرانيا عاصمتها سيمفروبل- لم يتوقف ذهني عن التخطيط لسير الرحلة ،لا سيما وأنني سأكون بمنطقة كثيراً ما سمعت وقرأت عن شعبها وقضاياه وهمومه وآماله ،فشبه جزيرة القرم التي يسكنها قرابة 2 مليون نسمة – نسبة المسلمين منهم تتجاوز الـ 20% - تبلغ مساحتها 27 ألف كم² ويحدها من جميع الاتجاهات البحر الأسود عدا الشمال حيث اليابسة مع جارتها مدينة خِـيرسُون ، ويتحدث أغلب سكانها الروسية فيما تحل الأوكرانية والتترية تتابعاً . شبه جزيرة القرم تلك المنطقة الجغرافية ذات الجمال الساحر وعبق التاريخ مفعمة بالأحداث والوقائع التي وجب عليّ ذكرها وفاءً لمن قضوا نحبهم في مأساة هي الأفظع على مر الحقب الاستعمارية التي استولت أو حكمت القرم .
القِرْم في التاريخ
القرم تعني القلعة باللغة التترية وكانت عاصمتها مدينة (بختشي سَرَاي) إبّان الحكم العثماني منذ 1521م ، وقد أصبت ولاية من ولايات الدولة الإسلامية وما يزال ديوان الوالي وبيته ومسجده شاهداً على إسلامية المنطقة حيث تحوّل لمكان تراثي يؤمُّه السياح ، اتحد تتار القرم مع القوزاق (سريعاً ما انشقوا عنهم متّحدين مع البولونيين) في تكتيك فُرِضَ عليهم بحكم أكثريتهم ليستطيعوا الانشقاق عن حكم الكومنولث الليتواني البولندي ،وقد توجت ثورة التتار بوجه الكومنولث بتحقيق الانفصال والانتصار على الليتوان . لكن القوزاق الخاسرين من الثورة لم يجدوا ملاذاً سوى أحضان القيصر الروسي ،الذي بدأ العمل للسيطرة على القرم تلك المنطقة الاستراتيجية المطلة على شاطئ البحر الأسود ،ففي 1678م حاصر الروس القِرم في محاولةٍ لاحتلالها لكنها باءت بالفشل ، وبعد 96 سنة سقطت القِـرم في قبضة الروس بسقوط عاصمتها بخش ساراي واستسلام خانات القرم لجيوش الروس وتم اعلان القرم حكماً روسياً عام 1783م بموجب معاهدة "كوجك قينارجه" التي أسفرت عن فقدان العثمانيين لسيطرتهم على البحر الأسود ومناطق شاسعة أخرى ما بين نهري دنيبر والباغ ، وقد استفاض الكاتب الأمريكي دونالد كواترت في حديثه عن الدولة العثمانية والحكم الإسلامي في كتبه التي ترجمت للعديد من اللغات العالمية وأشهر كتبه " الدولة العثمانية 1700-1922 " الذي قرأت فيه عن معاهدة كوجك قينارجه وما تبعها من معاهدات وأحداث.

التطهير العرقي بحق مسلمي تتار القرم

لعلي وأنا أتجوّل بشوارع مدينة سيمفروبل عاصمة القرم (تعني أق مسجد أي المسجد الأبيض وتلك التسمية كانت إبان حكم الدولة العثمانية وخانات القرم للإقليم) رجعت لفترة حكم الدولة العثمانية قبل أكثر من 235 سنة ، حيث البيوت والشوارع والمباني العامة وكأنها تدلّك على تاريخٍ إسلاميٍ أصيل عاش مع شعب هذه الأرض واجتبل حياتهم ،ليس كلاماً مبالغاً فيه .. لكنها بحقٍ رائحة التاريخ الاسلامي وعبق المجتمع التتري المسلم ،لكن هل يعقل أن أكونَ قد تجولتُ في شوارعَ كانت يوماً بحراً من الدماء ؟ وهل يتخيل ذو لب تلك المشاهد الفظيعة التي ترويها كتب التاريخ عن تطهيرٍ عرقيٍ بحق مسلمي تتار القرم ؟! فعلاً لا تستطيع أن تتمالك نفسك وأنت تقرأ عن مذابح يقدّر عدد ضحاياها من المسلمين ما يقارب الـ 400 ألف تتري مسلم ، نعم .. صدّق ما تقرأ فعلاً فبين أزقة مدن الإقليم قتل وعُذّب ما يفوق مليونا تتري مسلم ،ومن هنا هُجّر ما يقرب 600 ألف تتري خلال فترات متفاوتة وشُـتّـتوا في عدة بلدان (سيبيريا ،أوزبكستان ،تركيا) إبّان حكم روسيا القيصرية وأثناء الحقبة السوفييتية . ولعل الأرقام الواردة من كتب التاريخ تشير إلى انخفاض عدد تتار القرم عام 1883م من 9 ملايين نسمة إلى 900 ألف نسمة تقريباً عام 1941م .


كما رافق المجازر عملياتُ الحرق والتنكيل والتدمير الفظيعة التي ارتكبتها جيوش القيصر الروسي بحق ممتلكات ومساجد ومكاتب ومزارع التتار المسلمين ،ولعل الفاجعة كانت في تدمير ومحو أعداد ضخمة من الكتب والمؤلفات الاسلامية والقومية التترية الأمر الذي جعل تاريخ الشعب التتري ماضياً من الزمن ، أما من تمسك بأرضه ورفض التهجير من تتار القرم فمارست عليهم الدولة السوفيتية شتى ألوان العذاب ،فلم تحرمهم فلاحة أرضهم أو استغلالها فقط ،بل صادرتها وأعطتها لمواطنيها الروس.

جمهورية القرم ومجلس شعب تتار القرم

مع اندلاع الثورة الشيوعية في موسكو 1920م استغل تتار القرم الأحداث معلنين عن ولادة جمهورية القرم برئاسة نعمان حيجي خان ،لكن سرعان ما أُجهضت تلك الحكومة وأُعدم وزراؤها وألقي بجثة خان في البحر الأسود. وبعد اعتراض التتار على إنشاء كيان يهودي سنة 1928م بالقرم ، تم إعدام ما يقارب 3500 إمام وخطيب ومثقف مسلم بمن فيهم وزراء الحكومة المحلية ورئيس جمهورية القرم حينها ولي إبراهيم وتهجير زهاء 40 ألف مسلم لسيبيريا بالشمال الروسي . وفي عام 1946م تم إلغاء جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي بقرار من مجلس السوفييت الأعلى وإلحاقها بأوكرانيا. ومع بداية عهد غورباتشوف سُمح لبعض المهجّرين من تتار القرم بالعودة لوطنهم بلا حقوق أو تعويض عن مأساة تهجيرهم وترويعهم ، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي عُقد في 26 يونيو 1991م أول مجلس أعلى لتتار القرم بمدينة سيمفروبل عاصمة الإقليم كممثل للشعب التتري وانتخب المناضل التتري المسلم مصطفى جميلوف كأول رئيس للمجلس تحت شعار " لقد عادت إلينا شخصيتنا الإسلامية التي لا يمكن أن نفرط فيها، إننا مسلمون وسنبقى مسلمين، وسنعمل جاهدين على تعلُّم ديننا" وهنا يذكّرني جميلوف برئيس البوسنة والهرسك المرحوم علي عزت بيجوفيتشحيث يقول : "أنه لا توجد حادثة واحدة في التاريخ لم تكن فيها حركة إسلامية حقة وأصيلة حركة سياسية في نفس الوقت، إن السبب وراء ذلك إن الإسلام أسلوب حياة متكامل" .

العودة .. البناء .. والأمل

مطلع عام 1987م بدأ تتار القرم بالعودة إلى أراضيهم وممتلكاتهم التي هجّروا منها بلا حقوق ولا تعويض عما اقتُرِف بحقهم من تنكيل وآلام ، وفي بداية التسعينيات وصل لشبه جزيرة القرم أعداد قليلة من مهجّري مأساة 1941-1945م وذلك مع ضم القرم ككيان داخل جمهورية أوكرانيا الاشتراكية ، ولم يمنح من التتر المسلمين أي بطاقات تعريف أو جنسية إلا نصف السكان الواصلين آنذاك ، ولم يسمح لهم باسترجاع ممتلكاتهم أو أراضيهم ومواشيهم ولا حتى النظر اليها ،ومن عادوا للوطن لا يمثلون سوى الأقلية فـتتار القرم يتجمعون في تركيا وأوزبكستان وروسيا بعيداً عن الوطن الأم ؛لذلك فالقرميين التتر يشكلون أقلية (20% من عدد السكان) لذلك فتمثيلهم بالبرلمان القرمي عضوان فقط وبذلك أصبحت الحكومة القرمية لا تتعامل مع المسلمين التتار في قضايا (تعويض،ممتلكات،جنسية،تملّك..الخ) إلا من خلال البرلمان.


ورغم كل ما يعيق تعايش مسلمي القرم ورغم كل القرارات والاجراءات التي تنغص حياتهم ،إلا أن صبر وشجاعة هذا الشعب جعلهم ينتصرون على كل المؤامرات والحركات العنصرية التي تزيد حدةً شيئاً فشيئاً وذلك خلال العشر سنوات الأخيرة ، ويجتهد مسلمي القرم في بناء المساجد والمكتبات وإثراء التراث القومي التتري ويعملون في الفلاحة والتجارة والنقل العام ، ويأمل شعب تتار القرم بالعيش في مجتمع متسامح ينصفهم في مطالبهم وحقوقهم ويحفظ عليهم أمنهم وتراثهم القومي ، كما يطلب زيادة تمثيله الرسمي في دوائر حكومة الاقليم ومرافقها السيادية كونهم أصحاب تاريخ وذوي تعداد سكاني الأكبر بين باقي قوميات الاقليم (روس 50%،أوكران 30%) رغم تشتتهم بدول مختلفة .

أوكرانيا .. و مشاكل الطبقات المتوسطة !!


 
تظاهرات وسط العاصمة -كييف-
أحمد يونس - أوكرانيا (نُشرت بتاريخ 24 مايو 2012)


ربما يتبادر في ذهن القارئ للوهلة الأولى الدهشة كون المقال سيتحدث عن فقراء ومتسولين في مجتمع غربي ، ولكن هذا هو الواقع حيث أن نسب الفقر في بلد نامي كأوكرانيا* أصبحت تدق ناقوس الخطر للمسؤولين في الدولة ، والأرقام التي تصدرها منظمة حقوق الإنسان الدولية - هيومن رايتس ووتش - تثبت صحة ما أقول . حيث أشارت في تقريرها الصادر سنة 2011 أن ربع سكان أوكرانيا يعتبرون أنفسهم في عداد الفقراء ، وهذا سببه انخفاض مستويات المعيشة والاضطهاد السياسي للمعارضة والمنظمات الاجتماعية فضلاً عن تهميش وعدم استقلالية السلطة القضائية ( بحسب هيومن رايتس ووتش ) .

ولعلي هنا أشير لجوانب متنوعة عايشتها وشاهدتها خلال فترة وجودي في هذا البلد الغربي ، ومن تلك الجوانب : ( زيادة الضرائب ، عدم توفير متوسط الراتب المعقول للموظفين ، تناسي كبار السن والعجزة ، عدم الاستغلال الامثل للموارد والثروات الضخمة ، الارتفاع الحاد في قيم السلع والخدمات للمواطنين ، عدم توفر الرعاية الصحية الكافية والضمان الاجتماعي ، المشاكل الاجتماعية والحوادث الجنائية ...الخ ) ربما هذا ما استطعت ان الحظه والمسه خلال اختلاطي بالشعب الاوكراني ، فجميع ما ذكرته من جوانب يؤثر بشكل أساسي على حياة الفرد والأسرة الأوكرانية بل ويجعلها من الاسر الفقيرة والمحتاجة ، فزيادة الضرائب وعدم الموازنة بين الاحتياجات والمتطلبات يجعل الأوكراني في خطر حقيقي على أسرته ومستقبلها حيث لا يمكنه توفير ما بلزمه من مسكن ومأكل وملبس ومصروفات اسرته بدون ان يكون راتبه كافٍ لقضاء ضرورات بقاءه .


أما بالنسبة لكبار السن والعجزة فهذا جانب آخر من جوانب النسيان والألم بنفس الوقت ، فعندما تركب الحافلة متجهاً لجامعتك أو وظيفتك تلاحظ بشكل جلي أعداداً من كبار السن والعجزة يكابدون نهارهم بجدٍ من أجل تحصيل لقمة العيش ومجابهة تحديات الزمن ، ترى تجاعيد وجوههم قد أخذ منها الزمن ما أخذ وأخفى ما كان يملكه ذلك الإنسان من جمال قوقازي وبشرة بيضاء جميلة ، معظم تلك الناس يعملون بوظائف منوعة كـ السكك الحديدية ، البلديات ، الاتصالات ، مناجم الفحم ، اجهزة الامن والشرطة ، الحراسة ...الخ ) ورغم أن جميع هذه المهن وغيرها محترمة ومقدّرة إلا أن المشاهِد يسئمه أن يرى كبار السن والعجزة وقد أوشكوا على الموت يجبرون على العمل بهذا الشكل .

وفي جانب الموارد والثروات التي تتمتع بها أوكرانيا فمعروف أنها من
أهم الدول الأوروبية نقلا للغاز و البترول فهي جسرُ بين سوق الاتحاد الأوروبي الضخم و سوق روسيا الاتحادية التي تعد من أسرع أسواق العالم نموا. كما تمتلك أوكرانيا 30 % من التربة السوداء في العالم مما جعلها تحتل المركز الرابع في لائحة مصدري الحبوب الرئيسيين في العالم بعد الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي و كندا ، كما صنفّت في الموقع السادس في تصدير القمح عالمياً ، كما هي المورّد الثالث للذرة في العالم متجاوزة البرازيل وواقفة بالقرب من الولايات المتحدة و الأرجنتين.. وناهيك عن الثروة من عوائد السياحة ودراسة الأجانب والبطولات الكروية ...الخ . كل ذلك وغيره يجعل أوكرانيا ذات مكانة مرموقة من حيث المقومات الاقتصادية ،إلا أنها للأسف لا تستغل كل ذلك بحيث يحقق الفائدة للمواطن والدولة .. ومن ينتفع بعوائدها هم رجال الأعمال ورؤوس الأموال وأصحاب النفوذ .


وفي جانب الرعاية الصحية والعناية الطبية حديث يطول ، فالمستشفيات الموجودة مبنية منذ حقبة الثمانينات والأسرّة المتوفّرة قديمة ومكان نوم المرضى لا يكاد يرقى لسبل السلامة الصحية ، ناهيك عن التآكلات المتواصلة في هياكل المشافي وغرفها والتي ما فتئت الدولة ترممها وتعيد رونقها بشكل خارجي فقط . أما الضمان أو التأمين الاجتماعي الذي تعطيه الدولة لمستحقيه من الأسر المسحوقة أو كبار السن والعجزة .. فهو لا يؤمن كل مستلزمات الحياة ، وتفتقر المعونة لكثير من متطلبات الرعاية الأخرى التي لا يستطيع كبار السن الحصول عليها إلا بسعيهم وطلبهم لها من مراكز توزيع الضمان الاجتماعي .

ومن خلال تواجدي في أوكرانيا قد شاهدت الحالات الكثيرة من عمليات البحث عن المفقودين -الأطفال خصوصاً- ، وهي مشكلة في غاية الخطورة في ظل تنامي مستويات الجريمة خلال الـ 10 سنوات الأخيرة ، لقد أصبح من الأمر العادي أن ترى ذوي المفقودين وهم يحملون صور أبنائهم بيافطات تحتوي بيانات عنهم وأماكن فقدهم ، وبالعودة لجوانب استشراء الفقر لدى طبقات الشعب الأوكراني المتوسطة فقد هالني أعداد المتسولين على مستوى مدن أوكرانيا فقد زرت أكثر من 9 مدن أوكرانيّة إلا أن المتسولين لم يفارقوا أماكن التجمعات العامة والمحطات والأسواق ومفترقات الطرق الرئيسية في جميعها ، وهذا بحد ذاته ربما يشكل تحدٍّ آخر يعوّق إبراز أوكرانيا كبلد أوروبية ذات مستقبل واعد كما يقآل .



-----------------------------------------------

(*) أوكرانيا : دولة تقع شرق أوروبا ، يحدها (روسيا -بولندا-رومانيا-سلوفاكيا-المجر-مولدافيا) ، عدد سكانها 45 مليون نسمة ، استقلت عن الاتحاد السوفيتي الاسبق عام 1991 م ، العملة : هريفنة ، اللغة : الأوكرانية والروسية ، العاصمة : كييف ، المساحة : 600 ألف كم مربع ، الدين السائد : المسيحية الأرثوذكسية الشرقية ، ورثت عن الاتحاد السوفيتي ثالث أكبر ترسانة أسلحة نووية في العالم لكنها تخلّت عنها ووقعت على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وحالياً يمثل الجيش الأوكراني ثاني أكبر قوة عسكرية في أوروبا بعد روسيا ، وتقع في أوكرانيا أكبر محطة لتوليد الطاقة النووية في أوروبا ، تحتل أوكرانيا المركز الثامن عالمياً من حيث عدد السياح ، وتمتلك أوكرانيا أحد أدنى معدلات الخصوبة في العالم .

"يانوكوفيتش" .. يقتل الحلم الأوروبي


د. أحمد يونس - مدون من أوكرانيا (نُشرت بتاريخ 30 نوفمبر 2013)


في ساعة مبكرة من صباح اليوم السبت 30.11.2013 م أقدمت قوات كبيرة من وحدة مكافحة الشغب بالشرطة الأوكرانية على تفريق احتجاج أحزاب المعارضة في "الميدان الأوروبي" بالقوة مستخدمة الهروات والحواجز الحديدية ، فيما أصيب حوالي 40 شخص بجروح مختلفة ورضوض في كافة أنحاء الجسم ونقل بعضهم إلى المستشفيات القريبة .

 وفي أول تعليق على الحادث يقول فيتالي كليتشكو -رئيس حزب أودار المعارض وبطل العالم في الوزن الثقيل- : "لقد سرقوا حلمنا .. حلمنا بحياة جميلة نعيشها في بلد طبيعي" ، فيما أعرب سياسيون معارضون عن صدمتهم من فض الاعتصام بالميدان بهذه الوحشية وبلا تغطية إعلامية كافية لكشف ما اقترفته قوات الشرطة بالمحتجين .
 
في حين تجمهر العديد من المواطنين الأوكرانيين في عدة عواصم ومدن أوروبية حاملين أعلام بلادهم وأعلام الاتحاد الأوروبي مطالبين الرئيس الأوكراني بالعدول عن قراره بتعليق التوقيع على اتفاق الشراكة الأوروبية . ففي باريس خرج بضع عشرات من الأوكران مع أطفالهم وسط أجواء باردة منددين بالأسلوب الذي استعملته الشرطة مع أقرناءهم المحتجين وسط العاصمة -كييف- ، وشاركهم آخرين بالعاصمة الليتوانية -فيلنيوس- في تظاهرة احتجاجية أمام مقر انعقاد قمة "الشراكة الشرقية" للدول المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي وهي : ( أذربيجان ،أوكرانيا  مولدوفا ،أرمينيا ،جورجيا ) وقد أقام المعارضون الأوكرانيون خيمة احتجاج فيما التحق بهم عدد آخر من المعارضين السياسيين في وقت آخر اليوم وذلك لخلق رأي عام معارض للرئيس يانوكوفيتش أمام وسائل الإعلام الأوروبية -حسب رأيهم- .

أرمينيا .. مرشح ذو حظ وافر
ذلك ما قاله أحد مسؤولي لجنة متابعة الدول الشرقية المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي ، وأضاف : "أن أرمينيا هي أكثر المرشحين نجاحاً لتوقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي ، فقد أوفت الأرمنيون بتعهداتهم كاملة فيما يتعلق بمتطلبات الحريات والحقوق العامة والقضاء والنزاهة والشفافية ومراقبة الانتخابات والبنية التحتية " .