بقلم: أحمد يونس
بتسارع وقائع محاكمة الإرهابي الكبير أو ما يمكن أن نطلق عليه "عصابة الإرهاب"، تتسارع معنا بالتساوي ذاكرة التاريخ القديم الجديد، عندما اجتمعت العرب على حصار "الطائف" كان ثلة ينعتون بالإرهاب أيضاً، وعندما انتزع مسلمو شبه جزيرة القرم من أرضهم في 1944م وهجروا في منافيهم نعتوا بالإرهاب كذلك، وعندما يتحصل حزب سياسي على أغلبية نيابية فيشكل حكومته هنا أيضاً وُصم هذا الحزب بالإرهاب، لك أن تضرب مقاربة بسيطة فستجد أوجه الشبه واضحة جلية بينها جميعاً، أن من يملك الحق والشرعية حوكم بفعل أهواء شيطانية لدى أعداء النجاح، عشاق الفتن والفوضى.
بعد توعد مجنون واشنطن لنا خلال عام كامل من حملته الانتخابية، رأيناه كيف نفش ريشه -بعد أن تربع على كرسي القرار- في مؤتمر الرياض، وكيف كان يلقي تعليماته على الجميع، يشيطن هذا ويبارك ذاك، يعظ الحاضرين وكأنه الساحر المخلّص، الذي انتظروه كي ينفذوا معه مشاريع جديدة كثيراً ما راودتهم في قممهم الخاصة وبين غرف أجهزتهم الأمنية، ثم وبعد خطبته العصماء يصفق له الجميع في مشهد بديع قل نظيره.
غادر الرجل الأبيض موقعة الرياض ليطير مباشرة إلى سرطان المنطقة، بعد أن حمل ملايين المليارات في جيبه، وهو في كامل نشوته وراحته، حتى أنه غرّد مبتهجاً وواعداً شعبه بالوظائف والوظائف والوظائف، فيما تحصلت العائلة المقدسة على البركة من الرجل الإله، حامي المنطقة وسيدها الكبير، وبعض لطفٍ من ابنته ذائعة الحسن والقوام بينما أحدهم يعطيها درساً خطيراً في شرب القهوة على الطريقة الحجازية.
أيام معدودات حتى تكشّفت خيوط المؤامرة التي حيكت بليل، وأضحى مكشوفاً أهدافها وأسبابها والمستفيد منها، ولك أن تقرأ معي التسلسل الزمني للإرهابي الكبير الذي عرفناه فجأة في ليلة وضحاها، هذا الإرهابي يدعم حكومة حزب -حتى وإن كانت مقالة- ويمول عشرات مشاريع التعمير، ويؤي ويرأف بعشرات الآلاف من المهجرين والمنكوبين، ويقدم إغاثة لمضطهدين في أقصى الشرق لأقصى الغرب، هو أيضاً يلعب دوراً في خلق رؤية سياسية معارضة تتكلم باسم شعب تعرض للظلم، وتغذي هذا التحرك وتقويه حتى يمكنه الاعتماد على نفسه، هذا الإرهابي كذلك يتخذ موقفاً صلداً من التعامل مع نظام الإنقلاب العسكري، ولا يترك جهداً في حماية الفارين من سطوته.
عن جرائم هذا الإرهابي وسبق إصراره على ارتكابها، كان قد بلغ السيل الزبى للحلف الملائكي المبارك بروح الرجل الإله، فتحينوا الفرصة حتى ضربت خططهم أولى ضرباتها، تسبب الأمر في جدل وتصعيد -طبعاً طرف الشاشة الصادرة لديهم- وما كان من الإرهابي إلا أن يتبرأ مما قال، ولكن كيف لك أن تجرؤ على الإنكار بل تتجرأ أكثر وترد بضربة مماثلة ؟ إنك حقاً مجرم وقح، فعلى وجه السرعة يتداعى أبناء الرجل الإله ويعلنون للملأ أنهم وعلى ذات غرة اكتشفوا أمراً خطيراً، لقد تيقنوا أخيراً أنه حان الوقت للكشف عن الإرهابي وفضحه أمام العالم، يجب أن نجفف منابعه ونطرد وننكل بأهله، بل ونمنع عنه الهواء والماء، من الآن فصاعداً الحرب بيننا.
أي عصابة إرهابية تنتمي لها أيها الإرهابي الخطير ؟ وأي إرهاب هذا الذي يجعلك في نهار واحد على رأس الإرهاب ؟ ما جريرتك وماذا ارتكبت حتى صرت إلى ما صرت إليه ؟
ياااه ... ما أجمل إرهابك هذا، حين تنصر ضعيفاً وتؤوي محروماً، ما أجمل هذه العصابة حينما تطعم جائعاً وتشيد مأوىً، ما أجملك أيها الإرهابي، حين ترفض ظلماً وتأبى ظالماً متجبراً، كم أعجبني إرهابك حقاً، كم إرهابياً اهتدى بفعلك، وكم كنت أراني في عصابتك الإرهابية الخطيرة تلك، أنت جميل وقدوة لتجعل منك نوراً لصنع إرهاب من نوع فريد .. هذا إن كان نبل ما تحمل في قلبك وفعلك من صفات يمكن أن يطلق عليه لفظ "إرهاب"، فاشهدي يا "قطر" أنني إرهابياً